كتابة: أشرف الفيشاوي ، شريك.

عماد يوسف ، مستشار أول.

أرست محكمة التمييز مبدأ هام في التفرقة بين بطلان الحكم القضائي وانعدامه. ومفاد هذا المبدأ أن انعدام الحكم لا يتحقق إلا إذا تجرد من أحد أركانه الأساسية كأن يصدر من محكمة غير مُشكلة تشكيلًا صحيحًا أو من شخص لا يُعتبر قاضيًا، وإذا كان العيب الموجه للحكم لا يصلح سببًا لانعدامه، فإن جزاءه – إن صح – هو البطلان وليس الانعدام، ويمتنع بحث أسباب العوار التي تلحق به إلا عن طريق الطعن عليه من خلال طرق الطعن المناسبة.

>ويترتب على هذه التفرقة أنه يجوز رفع دعوى مبتدأة بانعدام الحكم، أما في حالة البطلان، فلا سبيل للتمسك به إلا من خلال الطرق المقررة للطعن عليه.

وتخلص وقائع هذا الطعن في أن الطاعنتين أقامتا دعوى مبتدأة بتاريخ 9/7/2018، بغية القضاء لهما: (“1- بانعدام الحكم الصادر في جلسة 21/6/2015 في دعوى التصفية المقامة أمام المحكمة المدنية الكلية والقاضي بعزل المصفي وتعيين مصف آخر بدلاً عنه، وما يترتب على ذلك من آثار، وأهمها زوال القرار الصادر من محكمة التمييز في الطعن رقم 461 لسنة 2018 بعدم قبول الطعن”).

وبعد تداول نظر الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة، قضت المحكمة برفض الدعوى. فأقامت الطاعنتان الاستئناف رقم 2501 لسنة 2019 استئناف مدني، والذي قضى بتاريخ 20/4/2022 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

>وقد كانت الطاعنتان تتمسكان بكون المحكمة قد استنفذت ولايتها بإصدار حكم بتصفية الشركة، وبالتالي فإن قبولها تدخل خصم أثناء سير إجراءات التصفية، بطلب عزل المصفي، وقضائها بذلك، يصيب حكمها بالانعدام لتجرده من أركانه الأساسية الخاصة بإصدار حكم في غير خصومة، بعد سبق قضائها بحل وتصفية الشركة وتعيين مُصفٍ لها.

حيث خالف الحكم نص المادة (78) 1 مرافعات، وتجاهل كل ما قدم له تقديما صحيحًا من أسانيد ودفاع مستندًا إلى القانون والأحكام الصادرة من المحاكم العليا القطرية والعربية والآراء الفقهية، حتى أنه لم يعرها أي اهتمام بتفنيدها والرد عليها ردًا وافيًا كافيًا، وقد أخطأ الحكم عندما لم يبحث واقعة تخلف ركن من أركان الحكم الأساسية التي كانت هي أساس طلب الانعدام بشكل متكامل، ووقعت في تناقض بين ما قررته من قواعد قانونية وما انتهت إليه في تطبيقها للقانون على الواقع، وهو ما حدا بالطاعنتين أن طلبتا القضاء بتمييز الحكم المطعون فيه لفساده في الاستدلال وقصوره في التسبيب والذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه

وقد التفتت محكمة التمييز عن هذه المطاعن، وقضت في الطعن محل التعليق بأن المقرر في قضاءها أن: “انعدام الحكم لا يتحقق إلا إذا تجرد من أحد أركانه الأساسية كأن يصدر من محكمة غير مُشكلة تشكيلًا صحيحًا أو من شخص لا يُعتبر قاضيًا، فإذا كان العيب الموجه للحكم لا يصلح أن يكون سببًا لانعدامه؛ فإن جزاءه -إن صح- هو البطلان وليس الانعدام، ويمتنع بحث أسباب العوار التي تلحق به إلا عن طريق الطعن عليه من خلال طرق الطعن المناسبة…”. ولما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنتين بطلب انعدام الحكم، تأسيسًا على عدم توافر أيٍ من أسباب الانعدام للحكم، وأن الطاعنتان قد عجزتا عن اثبات اختلال أي ركن من أركانه، وهو ما لا يتأتى بحثه إلا بطرق الطعن المناسبة على الحكم، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه، بما جاء بأسباب الطعن يكون على غير أساس؛ مما يتعين مع الأمر بعدم قبوله.

وخلاصة هذا الحكم أن انعدام الحكم يكون بتجرده من أركانه الأساسية التي منها ما أشار إليه بصدوره من غير قاض، وفي هذه الحالة يكون التمسك بالانعدام بدعوى مبتدأة، أما إن كان ما يصيب الحكم خلاف ذلك فإنه يكون مشوباً بالبطلان، ولا سبيل للتمسك بهذا البطلان إلا أمام المحكمة المختصة بنظر الطعن عليه.

Footnote

1. نصت المادة “78” مرافعات على أن: “يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضور الخصوم، ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة، وتحكم المحكمة في كل نزاع يتعلق بالتدخل ولا يجوز أن يترتب على التدخل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم فيها ، وتحكم المحكمة في موضوع التدخل مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا استبقت موضوع طلب التدخل للحكم فيه بعد تحقيقه “.

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.